فصل: حرف الباء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الباء

 باب الباء مع الهمزة

‏{‏بأر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن رجلا آتاه اللّه مالاً فلم يَبْتَئر خيرا> أي لم يقدم لنفسه خَبيئة خير ولم يَدَّخر، تقول منه‏:‏ بأرْت الشيء وابتأرته إبارة وأبْتَئِره‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <اغتَسلي من ثلاثة أبْؤُر، يَمُدُّ بعضها بعضا> أبْؤر جمعِ قلة للبئر وتُجمع على آبار، وبِئار، ومدُّ بعضِها بعضا هو أن مياهها تجتمع في واحدة كمياه القناة‏.‏

وفيه <البئر جُبار> قيل هي العادِيَّة القديمة التي لا يُعلم لها حافر ولا مالك فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جُبار، أي هَدَر‏.‏ وقيل هو الأجير الذي ينزل إلى البئر فيُنَقِّيها ويُخرج شيئاً منها وقع فيها فيموت‏.‏

‏{‏بأس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الصلاة <تَقْنع يديك وتَبْأَس> هو من البُؤس‏:‏ الخضوع والفقر‏.‏ ويجوز أن يكون أمْراً وخبراً‏.‏ يقال بَئس يَبْأس بُؤسا وبأسا‏:‏ افتقر واشتدَّت حاجته، والاسم منه بائس‏.‏

ومنه حديث عمار رضي اللّه عنه <بُؤس ابن سُميَّة> كأنه تَرحَّم له من الشدة التي يقع فيها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <كان يكره البُؤس والتَّبأؤس> يعني عند الناس‏.‏ ويجوز التَّبؤُّس بالقصر والتشديد‏.‏

ومنه في صفة أهل الجنة <إن لكم أن تَنعَّموا فلا تَبْؤُسُوا> بَؤُس يَبْؤُس - بالضم فيها - بأسا، إذا اشتد حُزْنه‏.‏ والْمبتئِس‏:‏ ‏:‏ الكاره والحزين‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <كنا إذا اشتد البأس اتَّقينا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> يريد الخوف، ولا يكون إلا مع الشدّة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <نهى عن كسْر السَّكة الجائزة بين المسلمين إلا من بَأس> يعني الدَّنانير والدراهم المضروبة، أي لا تُكْسر إلا من أمرٍ يقتضي كسرها، إمّا لرداءتها أَو شَك في صحة نقدها‏.‏ وكره ذلك لما فيها من اسم اللّه تعالى‏.‏ وقيل لأن فيه إضاعةَ المال‏.‏ وقيل إنما نهى عن كسرها على أن تُعاد تِبراً، فأمَّا للنفقة فلا‏.‏ وقيل كانت المعاملة فيها في صدر الإسلام عدداً لا وَزنا، فكان بعضهم يَقُصّ أطرافها فنُهوا عنه‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <بئس أخو العَشِيرة> بئس - مَهْمُوزا - فعل جامع لأنواع الذم، وهو ضد نِعْم في المدح‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <عَسى الغُوِيْرُ أبْؤساً> هو جمع بأس، وانتصب على أنه خبر عسى‏.‏ والغُوَير ماء لكلْب‏.‏ وهو مَثَل، أوّل من تكلم به الزَّبَّاء‏.‏ ومعنى الحديث عسى أن تكون جئت بأمر عليك فيه تُهْمَةٌ وشِدَّة‏.‏

‏{‏بابل‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <قال إنَّ حِبِّي صلى اللّه عليه وسلم نهاني أن أصَلّي في أرض بَابِلَ فإنها ملعونة> بابل هذا الصُّقْع المعروف بالعراق‏.‏ وألفه غير مهموزة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ في إسْناد هذا الحديث مَقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حرَّم الصلاة في أرض بابل‏.‏ ويُشْبه - إن ثبت الحديث - أن يكون نهاه أن يتَّخذها وَطنا ومُقاما، فإذا أقام بها كانت صلاتُه فيها‏.‏ وهذا من باب التعليق في علم البيان، أو لعلَّ النهي له خاصَّة، ألا تَراه قال نَهاني‏.‏

ومثله حديثه الآخر <نهاني أن أقْرأ سَاجداً وراكعاً ولا أقول نهاكم> ولعلَّ ذلك إنْذار منه بما لَقِيَ من المحنة بالكوفة وهي من أرض بابل‏.‏

‏{‏بابوس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث جُرَيح العابد <أنه مسَح رأي الصَّبي وقال: يا بَابُوس من أبوك> البَابُس الصَّبيّ الرضيع‏.‏ وقد جاء في شعر ابن أحمر لغير الإنسان‏.‏ قال‏:‏

حَنَّت قلُوصِي إلى بَابُوسِها جَزَعاً ** وما حَنِينُكِ أمْ مَا أنْتِ والذَّكَرُ

والكلمة غير مهموزة، وقد جاءت في غير موضع‏.‏ وقيل هي اسم للرضيع من أيّ نوع كان‏.‏ واختُلف في عَربيَّته‏.‏

‏{‏بالام‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في ذكر أُدْم أهل الجنة <قال إدَامُهم بالامُ والنُّون. قالوا وما هذا؟ قال: ثَورٌ وَنُونٌ> هكذا جاء في الحديث مفسَّرا‏.‏ أما النُّون فهو الحُت وبه سُمّي يونس عليه السلام ذا النون‏.‏ وأما باللام فقد تمحَّلُوا لها شرحا غيرَ مَرْضيّ‏.‏ ولَعلَّ اللفظة عِبرانية‏.‏ قال الخطابي‏:‏ لعل اليهودي أراد التّعْمِية فقطع الهجاء وقدّم أحد الحرفين على الآخر وهي لام ألف وياء، يريدُ لَأْيٌ بوزن لَعْيٍ، وهو الثور الوحْشِي، فصحّف الراوي الياء بالباء‏.‏ قال‏:‏ وهذا أقرب ما وقع لي فيه‏.‏

‏{‏بأو‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه حين ذُكِر له طلحة لأجْل الخلافة قال‏:‏ <لَولاَ بأوٌ فيه> البأو‏:‏ الكِبْر والتَّعَظُّم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ * ومنه حديث ابن عباس مع ابن الزبير <فَبأوْت بنفْسي ولم أرضَ بالهوان> أي رفعْتها وعظَّمْتها‏.‏

ومنه حديث عون بن عبد اللّه <امرأة سوء إن أعْطَيتها بَأَتْ> أي تكبَّرتْ، بوزن رَمَتْ‏.‏

 باب الباء مع الباء

‏{‏ببان‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <لولا أن أترك الناس بَبَّاناً واحدا ما فُتِحَت علَيَّ قرية إلا قسمْتها> أي أتركُهم شيئا واحدا، لأنه إذا قَسم البلاد المفتوحة على الغانمين بَقِيَ من لم يَحْضر الغنيمة ومن يجيء بعدُ من المسلمين بغير شيء منها، فلذلك تركها لتكون بينهم جميعهم‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ ولا أحسبْه عربيا‏.‏ وقال أبو سعيد الضرير‏:‏ ليس في كلام العرب بَبَّان‏.‏ والصحيح عندنا بَيَّاناً واحدا، والعرب إذا ذكرت من لا يُعرف قالوا هَيَّان بن بَيَّان، المعنى لأُسَوِّيَنَّ بينهم في العطاء حتى يكونوا شيئاً واحدا لا فَضْل لأحد على غيره‏.‏ قال الأزهري ليس كما ظَن‏.‏ وهذا حديث مشهور رَواه أهل الإِتْقان‏.‏ وكأنها لغة يمانِيَّة ولم تَفْشُ في كلام مَعَدّ‏.‏ وهو والبَأْج بمعنى واحد‏.‏

‏{‏ببة‏}‏ في حديث ابن عمر رضي اللّه عنه <سلم عليه فتًى من قريش فردّ عليه مثل سلامه، فقال له: ما أحْسبك أثْبتَّنِي، فقال: ألسْت بَبَّة> يقال للشابّ الممتلئ البدن نَعمةً‏:‏ بَبَّة‏.‏ وببة لقب عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب والي البصرة‏.‏ قال الفرزدق‏:‏

وبِايَعْتُ أقْوَاما وَفَيْتُ بِعَهْدِهِم ** وَبَبَّة قدْ بايَعْتُه غيرَ نادِم

وكانت أمّه ‏(‏هي هند بنت أبي سفيان‏.‏ وأول الرجز، كما في تاج العروس‏:‏

واللّهِ ربِّ الكَعبهْ**

وتمامه‏:‏

مُكْرَمَةً مُحَبَّهْ ** تُحبّ مَنْ أحَبَّهْ

تَجِبُّ أهلَ الكَعْبَهْ ** يُدْخِل فيها زُبَّهْ

وتجب اهل الكعبة‏:‏ أي تغلب نساء قريش حسناً‏)‏ لَقَّبَتْه به في صغره تُرَقِّصه فتقول‏:‏لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ ** جارِيَةً خِدَبَّهْ

 باب الباء مع التاء

‏{‏بت‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث دار النَّدْوة وتَشَاوُرهم في أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم <فاعْتَرضَهم إبليس في صورة شيخ جليل عليه بّتٌّ> اي كِسَاء غليظ مربَّع‏.‏ وقيل طّيْلّسّان من خَزّ، ويُجمع على بُتُوت‏.‏ومنه حديث على <أن طائفة جاءت إليه فقال لِقَنْبَر: بَتّتْهم> أي أعطهم البُيُوت‏.‏

ومنه حديث الحسن <أين الذين طَرحوا الخُزُوز والْحِبَرات، ولبسوا البُتُوت والنَّمِرات>‏.‏

ومنه حديث سفيان <أجد قَلْبي بين بُتُوت وعَباء>

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث كتابه لحارثة بن قَطَن <ولا يؤخذ منكم عُشْر البَتَات> هو المتاع الذي ليس عليه زكاة مما لا يكون للتجارة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <فإن المُنْبَتَّ لا أرْضاً قَطاع ولا ظَهْراً أبْقَى>يقال للرجل إذا انْقُطِع به في سفره وعَطِبت راحلتُه‏:‏ قد انْبَتَّ، من البَتّ، القَطْع، وهو مُطاوع بَتَّ يُقال بَتَّه وأبَتَّه‏.‏ يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يَقْض وَطَره‏.‏ وقد أعْطَبَ ظَهْرُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لا صيام لمن لم يَبِتَّ الصيام> في إحدى الروايتين، أي لم يَنْوه ويَجْزمه فيَقْطَعه من الوقت الذي لا صوم فيه وهو الليل‏.‏

ومنه الحديث <أبِتُّوا نكاح النساء> أي اقطعوا الأمر فيه وأحْكمُوه بشرائطه‏.‏ وهو تَعْريض بالنهي عن نكاح المتعة، لأنه نكاح غير مَبْتوت، مُقَدّرٌ بمدّة‏.‏

ومنه الحديث <طلقها ثلاثة بَتَّة> أي قاطعة، وصدَقةٌ بّتَّة أي مُنْقَطِعة عن الإملاك‏.‏ يقال بَتَّة والْبَتَّةَ‏.‏

ومنه الحديث <أدخله الله الجنه البَتَّه>‏.‏

ومنه حديث جويرية في صحيح مسلم <أحسبه قال جويرية أو الْبَتَّة> كأنه شك في اسمها فقال أحسبه جويرية، ثم استدرك فقال‏:‏ أوْ أبُتُّ وأقطع أنه قال جويرية، لا أحسب وأظن‏.‏

ومنه الحديث <لا تَبِيت المْبتُوتَة إلا في بَيْتها> هي المطلَّقة طلاقا بائنا‏.‏

‏{‏بتر‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد اللّه فهو أبتَر> أي أقطع‏.‏ والبَتْر القطع‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أن قريشاً قالت: الذي نحن عليه أحقّ مما هو عليه هذا الصُّنْبُور المنْبَتِر> يَعْنُون النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه تعالى سورة الكوثر‏.‏ وفي آخرها <إن شانِئَكَ هو الأبتر> المُنْبَتِر الذي لا ولد له‏.‏ قيل لم يكن يومئذ وُلِدَ لَهُ، وفيه نظر؛ لأنه وُلِدَ لَهُ قبل البعث والوحي، إلا أن يكون أراد لم يَعِش له ذَكَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أن العاص بن وائل دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو جالس فقال: هذا الأبْتَر> أي الذي لا عَقِب له‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الضحايا <أنه نهى عن المبْتُورة> هي التي قُطع ذَنَبها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث زياد <أنه قال في خُطْبتة البَتْراء> كذا قيل لها البتراء؛ لأنه لم يَذْكُر فيها اللّه عز وجل ولا صلَّى فيها على النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وفيه <كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم درْع يقال لها البَتْراء> سميت بذلك لقِصرها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه نهى عن البُتَيْراء> هُو أن يُوتِر بركعة واحدة، وقيل هو الذي شرع في ركعتين فأتَمَّ الأولى وقطع الثانية‏.‏

ومنه حديث سعد <أنه أوْتر بركعة فأنْكر عليه ابن مسعود رضي اللّه عنهما وقال ما هذه البُتَيْراء؟ >‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه، وسُئل عن صلاة الضحى فقال <حين تَبْهَر البُتَيْراءُ الأرضَ> البتيراء الشمس، أراد حين تنبسط على وجه الأرض وترتفع‏.‏ وأبْتَر الرجل إذا صلى الضحى‏.‏

‏{‏بتع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه سئل عن البِتْع فقال: كل مُسْكرٍ حرام> البِتْع بسكون التاء‏:‏ نَبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن، وقد تُحرَّك التاء كَقِمْع وَقِمَعٍ، وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏بتل‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <بَتَل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العُمْرى> أي أوْجَبها ومَلّكَها ملْكا لا يَتطرَّق إليه نَقْض‏.‏ يقال بَتَله يَبْتُلُه بَتْلا إذا قطعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لا رَهْبانِيَّةَ ولا تَبَتُّل في الإسلام> التَّبتُّل‏:‏ الانقطاع عن النساء وتَرْك النكاح وامرأة بَتُول مُنْقَطِعة عن الرجال لا شهوةَ لها فيهم‏.‏ وبها سُمّيت مريم أمّ المسيح عليهما السلام‏.‏ وسميت فاطمةُ البتولَ لانقطاعها عن نساء زمانها فضْلا ودِينا وحَسَبا‏.‏ وقيل لانقطاعها عن الدُّنيَا إلى اللّه تعالى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث سعد رضي اللّه عنه <رَدّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التَّبتُّل على عثمان بن مظعون> أراد تَرْكَ النكاح‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث النضر بن كَلَدَة <واللّه يا معشر قريش لقد نزل بكم أمْرٌ مَا أبْتَلْتُم بَتْلَه> يقال مَرَّ على بَتيلَةٍ من رأيه، ومُنْبَتِلَة، أي عَزيمة لا تُردّ‏.‏ وانْبَتَل في السَّيْرِ‏:‏ مَضَى وجدّ‏.‏ وقال الخطّابيّ‏:‏ هذا خطأ، والصواب ما انْتَبَلْتُم نَبْلَه، أي ما انْتَبَهْتُم له ولم تَعلموا عِلْمه‏.‏ تقول العرب‏:‏ أنذرْتك الأمْرَ فلم تَنْتَبِلْ نَبْلَه، أي ما انْتَبَهْتَ له، فيكون حينئذ من باب النون لا من باب الباء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حذيفة <أقيمت الصلاة فتدَافَعُوها وأبَوْا إلا تَقْدِيمَه، فلما سلَّم قال: لتُبتِّلُنّ لها إمَاماً ولَتُصَلُّنّ وُحْدانا> معناه لَتَنْصِبُنّ لكم إماما وتَقْطَعُنّ الأمر بِإمَامَتِه، من البَتْل‏:‏ القطع، أورده أبو موسى في هذا الباب، وأورده الهروي في باب الباء واللام والواو، وشَرَحه بالامتحان والاخْتِبار، من الابْتِلاء، فتكون التَّاآن فيها عند الهروي زائدتين؛ الأولى للمُضارَعة والثانية للافتعال، وتكون الأولى عند أبي موسى زائدة للمُضَارعة والثانية أصلية، وشرحه الخطّابي في غريبه على الوجهين معا‏.‏

 باب الباء مع الثاء

‏{‏بَثَّ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ زرْع <زوْجي لا أبُثُّ خَبره> أي لا أنشُره لقُبح آثَاره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه أيضا <لا تَبُثّ حديثَنا تَبْثِيثا> ويروى تَنُثّ بالنون بمعناه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه أيضا <ولا يُلجُ الكَفّ لِيَعْلَم البَثّ> البَثّ في الأصل أشَدّ الحزن والمرضُ الشديد، كأنه من شِدّته يَبُثّه صاحبهُ، والمعنى أَنه كان بجسدها عيْب أوْ دَاء فكان لا يُدْخِل يده في ثوبها فيَمسّه لِعْلمه أن ذلك يؤذيها، تَصِفُه باللطف‏.‏ وقيل هُو ذَمّ له، أي لا يَتَفقَّد أمورها ومصالحها، كقولهم‏:‏ ما أدْخِل يدي في هذا الأمر، أي لا أتَفَقَّدُه‏.‏

ومنه حديث كعب بن مالك رضي اللّه عنه <فلما توجه قافلا من تبوك حضَرني بَثِّي> أي أشدُّ حُزني‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عبد اللّه <لما حضر اليهوديَّ الموتُ قال بَثْبثُوه> أي كَشّفُوه‏.‏ من البَثّ‏:‏ إظهارِ الحديث، والأصل فيه بَثِّثُوه، فأبدلوا من الثاء الوسطى باء تخفيفا، كما قالوا في حَثَثْت حَثْحَثْت‏.‏

‏{‏بَثَق‏}‏ * في حديث هاجر أمّ اسماعيل عليه السلام <فغمز بعَقِبه علىالأرض فانبَثَق الماء> أي انْفَجَر وجَرى‏.‏

‏{‏بَثَن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث خالد بن الوليد رضي اللّه عنه، لما عَزله عُمر عن الشام <فلما ألْقَى الشَّامُ بَوَانِيَه وصار بَثْنِيَّةً وعَسَلا عَزَلَني واسْتَعْمل غيري> البَثْنِيَّة حِنْطة منسوبة إلى البَثْنَة، وهي ناحية من رُسْتاق دِمَشق‏.‏ وقيلَ هي الناعمة اللَّيّنة من الرمْلة الليِنة، يقال لها بَثْنة‏.‏ وقيل هي الزُّبدة، أي صارت كأنها زُبْدة وعسَل؛ لأنها صارت تُجْبَى أموالُها من غير تَعب‏.‏

 باب الباء مع الجيم

‏(‏س‏)‏ في حديث عثمان رضي اللّه عنه <إن هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يَدْري أيْن اللّهُ عز وجل> البَجْبجَة شيء يُفغل عند مُناغاة الصبي‏.‏ وبَجْبَاج نَفَّاج أي كثير الكلام‏.‏ والبَجْبَاج‏:‏ الأحمق؛ والنَّفَّاج‏:‏ المتكبّر‏.‏

‏{‏بجَج‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <قد أرَاحَكُم اللّه من البَجَّة والسَّجَّة> هي الفَصِيدُ، من البَجّ‏:‏ البطّ والطَّعْن غيرِ النافذ‏.‏ كانوا يَفصدون عِرْق البعير ويأخذون الدم يَتَبلَّغون به في السَّنة المُجْدِبة، ويسمونه الفَصِيد، سُمّي بالمرة الواحدة من البَج، أي أراحكم اللّه من القَحْط والضّيق بما فتَح عليكم في الإسلام‏.‏ وقيل البجّة اسم صَنَم‏.‏

‏{‏بجَح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ زَرْع <وبَجَّحَني فَبًجِحْت> أي فرّحَني ففَرِحْت‏.‏ وقيل عظَّمَني فَعَظُمَتْ نفْسي عِندي‏.‏ يقال فلان يَتَبَجَّح بكذا أي يتَعظَّم ويفتخر‏.‏‏{‏بجَد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث جُبير بن مطعِم <نظرتُ والناس يقتتلون يوم حُنين إلى مثل البِجَاد الأسْود يَهْوِي من السماء> البِجَاد الكِسَاء، وجمعه بُجُد‏.‏ أراد الملائكة الذين أيدَهم اللّه بهم‏.‏ ومنه تسْمِية رسول اللَه صلى اللّه عليه وسلم عبدَ اللّه بن عبد نهم ذا البِجَادَين؛ لأنه حين أراد المصير إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قطعت أمّه بِجاداً لها قِطعَتَين فارْتَدى بإحداهما وائتزَر بالأخرى‏.‏

ومنه حديث معاوية رضي اللّه عنه <أنه مازح الأحنف بن قيس فقال: ما الشيء المُلَفَف في البجاد؟ قال: هو السَّخِينَة يا أمير المؤمنين> الملفَّف في البجاد وطْبُ اللَّبَن يُلَفُّ فيه ليَحمَى ويُدْرِك‏.‏ وكانت تميم تُعيَّر به‏.‏ والسخينة‏:‏ حَسَاء يُعمل من دقيق وسَمن يؤكل في الجَدْب‏.‏ وكانت قريش تُعيَّر بها‏.‏ فلما مازحه معاوية بما يُعاب به قومُه مازحه الأحنف بمثْله‏.‏

‏{‏بجر‏}‏ * فيه <أنه بَعث بَعْثا فأصبحوا بأرضٍ بَجْراء> أي مرتفعة صُلبة‏.‏ والأبْجر‏:‏ الذي ارتفعت سُرّته وصَلُبت‏.‏

ومنه الحديث الآخر <أصْبحنا في أرض عَزُوبةَ بَجْراء> وقيل هي التي لا نبات بها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <أشكوا إلى اللّه عُجَرِي وبُجَرِي> أي هُمومي وأحزاني‏.‏ وأصْل العُجْرة نفْخَةٌ في الظهر، فإذا كانت في السُّرة فهي بُجْرة‏.‏ وقيل العُجَر العروق المتعَقّدة في الظهر، والبُجَر العروق المُتَعَقّدة في البطن، ثم نُقِلا إلى الهمُوم والأحزان، أراد أنه يشكوا إلى اللّه أموره كلّها ما ظهرَ منها وما بطَن‏.‏

ومنه حديث أمّ زرع <إن أذكرْه أذْكُرْ عُجَره وبُجَره> أي أموره كلَّها بادِيَها وخافيَها‏.‏ وقيل أسراره وقيل عُيوبه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث صفة قريش <أشِحَّةٌ بَجَرَةٌ> هي جمع باجِر، وهو العظيم البطن‏.‏ يقال بَجِرَ يَبْجَرُ بَجَراً فهو أبْجَر وَبَاجِر‏.‏ وصَفَهم بالبطانة ونُتُوّ السُّرَرِ‏.‏ ويجوز أن يكون كناية عن كَنْزِهم الأموال واقْتِنائهم لها، وهو أشْبَه بالحديث؛ لأنه قَرنه بالشُّحّ وهو أشدّ البخل‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي بكر <إنما هو الفَجْرُ أو البَجْر> البجر بالفتح والضَّم‏:‏ الداهية، والأمر العظيم‏.‏ أي إن انتَظرت حتى يُضيء لك الفجرُ أبْصَرت الطريق، وإن خَبَطْت الطلماء أفْضَت بك إلى المكروه‏.‏ وقال المبرد فيمن رواه البحر بالحاء‏:‏ يريد غَمَرات الدُّنيا، شَبَّهها بالبحر لتَبَحُّر أهلها فيها‏.‏

ومنه كلام علي رضي اللّه عنه <لم آتِ لاَ أبَا لكُم بُجْرا>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مازن <كان لهم صنَم في الجاهلية يقال له بَاجِر> تكسر جيمه وتُفتح‏.‏ ويروى بالحاء المهملة، وكان في الأزد‏.‏

‏{‏بجس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث حذيفة رضي اللّه عنه <ما منَّا إلاَّ رَجُل به آمّة يَبْجُسُها الظُّفرُ غيرَ الرَّجُلَين> يعني عُمرَ وعليا رضي اللّه عنهما‏.‏ الآمّة الشَّجَّة التي تَبْلغ أمّ الرأس‏.‏ ويَبْجُسها‏:‏ يَفْجُرها، وهو مَثل، أراد أنها نَغِلَة كثيرة الصَّديد، فإن أراد أحَدٌ أن يَفْجُرَها بظفره قدر على ذلك لامْتِلائها ولم يحتج إلى حديدة يَشُقُّها بها، أراد ليس منا أحد إلاَّ وفيه شيء غير هذين الرجُلَين‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أنه دخل على معاوية وكأنه قَزَعة تَنْبَجِس> أي تَنْفجر‏.‏

‏{‏بجل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث لقمان بن عاد <خُذِي منّي أخِي ذا البَجَل> البَجل بالتحريك الحسْبُ والكفاية‏.‏ وقد ذمّ أخاه به، أي أنه قصِير الهِمَّة رَاضٍ بأن يُكْفى الأمور ويكون كلاًّ على غيره، ويقول حَسْبي ما أنا فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فألقى تمرات في يده وقال بَجَلي من الدنيا> أي حَسْبي منها‏.‏ ومنه قول الشاعر يوم الجمل‏:‏

نَحنُ بَني ضَبَّة أصْحَابُ الجملْ ** رُدّوا علينا شَيْخَنا ثُمَّ بَجَلْ

أي ثُم حَسْبُ‏.‏ وأمّا قول لقمان في صفة أخيه الآخر‏:‏ خُذِي منّي أخي ذا البَجَلَة، فإنه مَدْحٌ، يقال رجل ذُو بَجَلَة وذو بَجَالة‏:‏ أي ذو حُسْن ونُبْل ورُوَاء‏.‏ وقيل البَجَال‏:‏ الذي يُبَجّله الناس، أي يُعظّمونه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه أتَى القُبور فقال: السلام عليكم أصَبْتم خيرا بَجِيلا> أي وَاسِعا كثيرا، من التَّبْجيل‏:‏ التعظيم، أو من البَجال‏:‏ الضَّخم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سعد بن معاذ رضي اللّه عنه <أنه رُمِيَ يوم الأحزاب فقطَعُوا أبْجلَه> الأبْجَل‏:‏ عِرق في باطن الذراع‏.‏ وهو من الفَرس والبعير بمنزلة الأكْحَل من الإنسان‏.‏ وقيل هو عِرق غليظ في الرْجل فيما بين العَصب والعظم‏.‏

ومنه حديث المسْتهزئين <أمّا الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل إلى أبْجَلِه>‏.‏

‏{‏بجا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <كان أسْلَم مولَى عُمر بُجَاوِيًّا> هو منسوب إلى بُجَاوة جنس من السُّودان‏.‏ وقيل هي أرض بها السُّودان‏.‏

 باب الباء مع الحاء

‏{‏بحبح‏}‏ ‏(‏س ه‏)‏ فيه <من سَره أن يَسْكن بُحْبُوحة الجنة فلْيَلْزم الجماعة> بُحْبُوحة الدَّار‏:‏ وسَطُها‏.‏ يقال تَبَحْبَح إذا تمكن وتوسَّط المنزل وَالمُقام‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث غناء الأنصارية‏.‏ <أهْدى لها أكْبُشا تُبَحْبح في المِرْبَد> أي مُتمَكّنة في المِرْبد وهو الموضع‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفي حديث خزيمة <تَقَطَّر اللِّحاء وتَبحْبَحَ الحياء> أي اتَّسَع الغيث وتَمكَّن من الأرض‏.‏

‏{‏بحت‏}‏ * في حديث أنس رضي اللّه عنه قال <اخْتضب عُمر بالحِنَّاء بَحْتاً> البَحْت الخالص الذي لا يخالطه شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كتب إليه أحد عُمَّاله من كُورة ذكر فيها غَلاء العسل، وكَرِه للمسلمين مُبَاحتَةَ الماء> أي شُربه غير ممزوج بعسل أو غيره‏.‏ قيل أراد بذلك ليكون أقْوَى لهم‏.‏

‏{‏بحث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المِقداد <قال أبَتْ علينا سورة البُحوث انفِروا خفافا وثقالا> يعني سورة التوبة، سميت بها لِمَا تضمَّنت من البَحْث عن أسرار المنافقين، وهو إثارتها والتَّفْتيش عنها‏.‏ والبُحوث جمع بَحْث‏.‏ ورأيت في الفائق سورة البَحُوث بفتح الباء، فإن صحت فهي فَعُول من أبْنية المبالغة، ويقع على الذَّكر والأنثى كامرأة صبور، ويكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أن غلامين كانا يلعبان البَحْثَة> وهي لُعبة بالتراب‏.‏ والبُحَاثة التُّراب الذي يُبْحث عما يُطلب فيه‏.‏

‏{‏بحح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <فأخذت النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بُحَّةٌ> البُحَّة بالضم غِلْظة في الصَّوت‏.‏ يقال بُحَّ يَبَحُّ بُحُوحا وإن كان من داء فهو البُحَاح‏.‏ ورجل أبَحُّ‏:‏ بيّن البَحَح إذا كان ذلك فيه خِلقة‏.‏

‏{‏بحر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه ركب فرسا لأبي طلحة فقال: إنْ وجدْناه لبَحْرا> أي واسع الجَرْيِ‏.‏ وسُمّي البحر بحرا لسَعَته‏.‏ وتَبَحَّر في العلم‏:‏ أي اتَّسع‏.‏

ومنه الحديث <أبَى ذلك البَحْر ابنُ عباس رضي اللّه عنهما> سمي بحرا لسَعة علْمه وكثرته‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد المطلب وحَفْر بئر زمزم <ثم بَحَرها> أي شقَّها ووسَّعها حتى لا تَنْزِفُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <حتى تَرى الدَّم البَحْرَانيّ> دم بَحْرانيّ شديد الحمرة، كأنه قد نُسب إلى البَحر وهو اسم قَعْر الرَّحِم، وزادوه في النسب ألفا ونونا للمبالغة، يريد الدم الغليظ الواسع‏.‏ وقيل نُسب إلى البحر لكثرته وسَعته‏.‏

وفيه <ذكر بَحْران> وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء‏:‏ موضع بناحِية الفُرْع من الحجاز، له ذكر في سَريّة عبد اللّه بن جحش‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث القَسامة <قتل رجل بِبَحْرَة الرَّغَاء على شط لِيَّة> البَحْرة البَلْدةُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عبد اللّه بن ابيّ <ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرة على أن يُعَصّبوه بالعصابة> البُحَيْرَة‏:‏ مدينة الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وهو تصغير البَحْرة‏.‏ وقد جاء في رواية مكَبَّرا، والعرب تُسمّي المُدُن والقُرى البحارَ‏.‏

ومنه الحديث <وكتب لهم ببحرهم> أي ببلدهم وأرضهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه ذكر <البَحِيرة> في غير موضع، كانوا إذا ولدَت إبلُهم سَقْباً بَحَرُوا أُذُنه‏:‏ أي شَقُّوها‏.‏ وقالوا اللهم إن عاش فَفَتِيّ وإن مات فَذَكِيّ، فإذا مات أكلوه وسمَّوْه البَحِيرة‏.‏ وقيل البَحِيرة‏:‏ هي بنْت السَّائبة، كانوا إذا تابَعت الناقة بيْن عشْر إناث لم يُركَب ظهرُها، ولم يُجَزَّ وَبرها، ولم يَشْرب لبَنَها إلاّ ولدُها أو ضَيْف، وتركُوها مُسَيَّبة لسَبِيلها وسمُّوها السَّائبة، فما ولدَتْ بعد ذلك من أنثى شَقُّوا أذُنَها وخَلَّوا سَبِيلها، وحَرُم منها ما حرم من أمّها وسموها البَحيرة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي الأحوص عن أبيه <أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال له هل تُنْتَج إبُلكَ وَافِيةً آذانُها فتَشُقَّ فيها وتقول بحُرٌ> هي جَمْع بَحيرة، وهو جمع غريب في المؤنث، إلا أن يكون قد حمله على المذكّر نحو نذير ونُذُر، على أن بَحِيرة فعيلة بمعنى مفعولة، نحو قتيلة، ولم يُسْمع في جمع مثْله فُعُلٌ‏.‏ وحكى الزمخشري بَحِيرة وبُحُر، وصَرِيمة وصُرُم، وهي التي صُرِمت أذُنها‏:‏ أي قُطعت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مازن <كان لهم صنَم يقال له باحَر> بفتح الحاء، ويروى بالجيم‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏بحن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا كان يومُ القيامة تخرج بَحْنَانَة من جهنم فَتَلْقُط المنافقين لَقْطَ الحمامة القُرْطَمَ> البَحْنَانَة‏:‏ الشرارة من النار‏.‏

 باب الباء مع الخاء

‏{‏بخ‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <أنه لَمّا قرأ: وسارِعوا إلى مغفرة من ربكم، قال رجل بَخٍ بَخٍ> هي كلمة تقال عند المدح والرِّضَى بالشيء، وتُكَرر للمبالغة، وهي مَبْنية على السكون، فإن وَصَلْت جَرَرْت ونَوَّنْتَ فقلت بَخٍ بَخٍ، وربّما شُدّدَت‏.‏ وبَخْبَخْتُ الرجُل، إذا قلت له ذلك‏.‏ ومعناها تعظيم الأمر وتَفْخِيمُه‏.‏ وقد كثُر مجيئها في الحديث‏.‏

‏{‏بخت‏}‏ * فيه <فأُتي بسارق قد سرق بُخْتِيَّةً> البُخْتِية‏:‏ الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق، وتُجْمع على بُخْتٍ وبَخَاتِيّ، واللفظة معرّبة‏.‏

‏{‏بختج‏}‏ * في حديث النخعي <أهْدِي إليه بُخْتُجٌ فكان يشربه مع العَكَر> البُخْتُج‏:‏ العصير المطبوخ‏.‏ وأصله بالفارسية مِيْبُخْته، أي عصير مطبوخ، وإنما شرِبه مع العَكَر خِيفةَ أن يُصَفّيه فيشتدّ ويُسْكر‏.‏

‏{‏بختر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الحجاج <لما أدخِل عليه يزيد بن المهلَّب أسيرا فقال الحجاج:

جميل المُحَيّا بَخْتَرِيٌّ إذا مشَى*

فقال يزيد:

وفي الدرْع ضَخْم المَنْكِبَيْن شِنَاق*

البَخْتَرِيّ: المُتَبَخْتِر في مَشْيه، وهي مِشْيَة المتكَبر المُعجَب بنفسه.

{بخند} (س) في حديث أبي هريرة <إن العجّاج أنشده:

سَاقاً بَخَنْدَاة وكَعْباً أدْرَمَا*

البَخَنْدَاة: التامّة القَصَب الرَّيَّا، وكذلك الْخَبَنْدَاة. وقبل هذا البيت:

قَامَتْ تُرِيك خَشْيَةً أنْ تصْرِما ** سَاقاً بَخَنْدَاةً وكَعْباً أدْرَما

{بخر} * في حديث عمر رضي اللّه عنه <إيّاكم ونَوْمَةَ الغداة فإنها مَبْخَرة مَجْفَرَة مَجْعَرَة> وجعله القُتَيْبي من حديث علي رضي اللّه عنه‏:‏ مبخرة أي مَظِنَّة للبَخَر، وهو تَغَيُّر ريح الفَم‏.‏

ومنه حديث المغيرة <إياك وكُلَّ مَجْفَرَة مَبْخَرة> يعني من النساء‏.‏

وفي حديث معاوية <أنه كتب إلى ملك الروم: لأَجْعَلَنّ القسْطنطينية البَخْراء حَمَمَةً سوداء> وصَفَها بذلك لبُخار البَحْر‏.‏

‏{‏بخس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في الحديث <يأتي على الناس زمان يُسْتَحل فيه الرّبا بالبيع، والخَمرُ بالنَّبيذ، والبخْسُ بالزكاة> البخْس ما يأخذه الوُلاَة باسم العشر والمُكُوس، يتأَوّلون فيه الزكاة والصدقة‏.‏

‏{‏بَخَص‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفته صلى اللّه عليه وسلم <أنه كان مَبْخُصَ العَقِبَين> أي قليل لحمهما‏.‏ والبَخْصَةُ‏:‏ لحمُ أسفل القَدَمين‏.‏ قال الهروي‏:‏ وإن رُوي بالنون والحاء والضاد فهو من النَّحْض‏:‏ اللحمِ‏.‏ يقال نَحَضْتُ الْعظم إذا أخذتَ عنه لحمه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث القُرَظِي <في قوله تعالى: قل هو اللّه أحدٌ، اللّهُ الصمدُ، لو سكتَ عنها لتَبَخَّص لها رِجال فقالوا ما صَمَد؟> البَخَص بتحريك الخاء‏:‏ لحم تحت الْجَفن الأسفل يظهر عند تَحْديق الناظر إذا أنكر شيئا وتعجَّب منه‏.‏ يعني لولا أن البيان اقترن في السُّورة بهذا الاسم لتَحَيَّروا فيه حتى تَنْقَلب أبصارُهم‏.‏

‏{‏بخَع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أتاكم أهل اليمن هم أرقّ قلوبا وأبْخَعُ طاعةً> أي أبْلغُ وأنصَح في الطاعة من غيرهم، كأنهم بالَغُوا في بَخْع أنفسهم‏:‏ أي قَهْرها وإذلالها بالطاعة‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ هو من بَخَع الذبيحة إذا بالغ في ذبحها، وهو أن يَقْطع عَظْم رقبَتها ويَبْلُغ بالذبح البِخَاع - بالباء - وهو العِرق الذي في الصّلب‏.‏ والنَّخْع بالنون دون ذلك، وهو أن يَبْلغ بالذبح النُّخاع، وهو الخيط الأبيض الذي يجري في الرقبة، هذا أصله، ثم كَثر حتى استُعمل في كل مبالغة، هكذا ذكره في كتاب الفائق في غريب الحديث، وكتاب الكشّاف في تفسير القرآن، ولم أجدْه لغيره‏.‏ وطالما بحثْت عنه في كتب اللغة والطّب والتشريح فلم أجد البخَاع - بالباء - مذكورا في شيء منها‏.‏

ومنه حديث عمر <فأصبحت يجنُبُني الناس ومن لم يكن يَبْخَع لنا بطاعة>‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة في صفة عمر رضي اللّه عنهما <بخع الأرض فقاءَتْ أُكُلَها> أي قهرَ أهلها وأذلّهم وأخرج ما فيها من الكنوز وأموال الملوك‏.‏ يقال‏:‏ بَخَعْتُ الأرض بالزراعة إذا تَابَعْتَ حِرَاثتَها ولم تُرِحْها سنة‏.‏

‏{‏بخق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <في العَين القائمة إذا بَخِقَت مائة ُدينار> أراد إذا كانت العين صحيحة والصُّورة قائمة في موضعها إلا أن صاحبها لا يُبصر بها ثم بُخِصَت أي قُلِعَت بعدُ ففيها مائة دينار‏.‏ وقيل‏:‏ البَخْق أن يذهب البصر وتَبْقى العين قائمةً مُنْفَتِحَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث نهيه عليه السلام عن البَخْقاء في الأضاحي‏.‏

ومنه حديث عبد الملك بن عمير يصف الأحْنف <كان ناتِئ الوَجْنَة باخقَ العين>‏.‏

‏{‏بخل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <الولد مَبْخَلَة مَجْبَنَة> هو مَفْعَلة من البُخْل ومَظِنّة له، أي يَحْمل أبَوَيْه على البُخل ويدْعوهما إليه فيَبْخلان بالمال لأجْله‏.‏

ومنه الحديث الآخر <إنكم لتُبَخِّلون وتُجَبِّنُون>‏.‏